إيران أقنعت المالكي بالإطاحة بمحافظ البنك المركزي العراقي

 

دارة الموصل – بغداد- حاتم الوائلي

 

كشفت مصادر في البنك المركزي العراقي امس ان اللوبي الايراني في العراق نجح في اقناع نوري المالكي رئيس الحكومة لاطاحة محافظ البنك المركزي العراقي سنان الشبيبي ونائبه مظهر محمد صالح بعد نجاحهما في الحد من تهريب مئات الملايين من الدولارات من العراق الى ايران. وقالت مصادر في بغداد ان الشبيبي لم يعد الى بغداد بعد تمثيله العراق في مؤتمر طوكيو ويرجح توجهه نحو مسكنه في سويسرا، حيث كان يقيم لكنه شوهد في شارع اوكسفورد بلندن أمس الاول حسب مصادر لندنية موثوقة.

وقالت المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها لـ ( دارة الموصل) ان الشبيبي ومظهر كانا وراء اصدار سلسلة اجراءات نصت على تقديم الاشخاص الذين يريدون تحويل العملة العراقية الى الدولار تقديم طلباتهم الى البنك المركزي مرفقة برقم حساب من احد المصارف العراقية اضافة الى الهدف من تحويل عملاتهم العراقية الى الدولار لضمان استخدامها في تمويل صفقاتهم التجارية وليس تهريبها الى ايران التي تعاني من تأثير العقوبات ونقص كبير في العملة الصعبة. واوضحت المصادر ان العلاقة مع نظام بشار الاسد الخاضع للعقوبات صارت من بين أولويات المالكي في التنسيق والدعم المالي والتجاري. وقالت المصادر ان القرارات والاجراءات قد ادت بعد اليوم الاول من إصدارها الى انخفاض طلب التحويل من 80 ــ100 مليون دولار يوميا الى اقل من مليون دولار. وأوضحت المصادر ان البنك المركزي الذي كان يحول الدينار العراقي الى الدولار من دون وثائق في اطار الاقتصاد الحر قد اكتشف ان اغلب مقدمي التحويلات ليسوا من التجار ويقدمون معاملاتهم بأسماء مستعارة خشية انفضاح امرهم، واضافت ان الاجراءات المتخذة والتي تستخدمها الحكومة ضد الشبيبي ونائبه كدليل إدانة، قد حدت من تهريب الدولار من العراق الى ايران وساعدت على تثبيت سعر العملة العراقية وحمت احتياطيّ العراق النقدي. وسمت الحكومة العراقية امس عبد الباسط تركي رئيس ديوان الرقابة المالية محافظا مؤقتا جديدا للبنك المركزي ليحل مكان الشبيبي. وأقر البنك المركزي ايضا مبدأ التنسيق والتشاور وتبادل المعلومات بين البنك المركزي العراقي ومجلس الوزراء بشأن السياستين المالية والنقدية وفقا للدستور مع قيام البنك المركزي العراقي بدراسة الطرق المتبعة حاليا في ايصال العملة الاجنبية الى السوق المحلية واعطاء دور اكبر للمصارف . وازداد عند بداية العام الحالي الطلب على الدولار بنسبة كبيرة تراوحت بين 40 الى 50 بالمئة، ليعلن المصرف المركزي بعدها في شباط عن تطبيق اجراءات جديدة حيال مبيعاته من الدولار. ويعود الفضل للشبيبي في اعادة بناء البنك المركزي بعد الحرب. واستطاع البنك المركزي ان يجمع 65 مليار دولار احتياطي للعملة العراقية من الصفر تحت إدارة الشبيبي.

وكان الشبيبي خبيرا يعمل في منظمة التجارة العلمي في جنيف قبل توليه ادارة البنك المركزي. وهو خبير دولي في اقتصاديات المالية العامة. وقالت مصادر قانونية ونيابية لـ (دارة الموصل) ان ايقاف الشبيبي عن عمله ليس من صلاحية الحكومة ويعود للبرلمان باعتبار ان البنك المركزي من الهيئات المستقلة التابعة للبرلمان. واضافت المصادر انه انتهاك جديد للدستور. واوضحت ان تعيين تركي مكان الشبيبي هو انتهاك دستوري ايضا لان تعيين محافظ للبنك المركزي هو من صلاحية البرلمان وليس الحكومة.

ورفض الشبيبي قرار رئيس الحكومة نوري المالكي بالحاق البنك المركزي به باعتباره هيئة مستقلة تابعة للبرلمان.

وايد البرلمان الشبيبي في موقفه مما اجبر المالكي على التراجع .

وحد البنك المركزي من قدرة ايران على سحب مئات ملايين الدولارات من السوق العراقية لدعم اقتصادها الذي يعاني من تاثير العقوبات على حساب سعر الدينار العراقي.

ورفض الشبيبي رغبة الحكومة بالسحب من احتياطي العملة العراقية باعتباره سيؤدي الى تدهور قيمة العملة العراقية.

وصدر قرار هيئة النزاهة ضد الشبيبي خلال تمثيله العراق في مؤتمر عالمي كان معقودا في طوكيو.

وقال علي الموسوي المستشار الاعلامي في رئاسة الوزراء ان مجلس الوزارء صوت على تكليف عبد الباسط تركي رئيس ديوان الرقابة المالية، لادارة البنك المركزي حتى اشعار اخر ، مضيفا ان القضاء قرر سحب يد سنان الشبيبي، المحافظ الحالي للبنك المركزي.

وأوضح الموسوي انه بعد تذبذب سعر صرف الدينار شكلت لجنة في مجلس النواب للتحقيق برئاسة نائب رئيس المجلس قصي السهيل وبعد تحقيقات مطولة وجدت تقصيرا من قبل محافظ البنك واخرين .

وتابع ان اللجنة رفعت تقريرها الى هيئة النزاهة الرسمية التي تعنى بمكافحة الفساد في دوائر الدولة والتي قررت سحب يد الشبيبي وآخرين ، مضيفا انه عندما اصبحت الحكومة امام الواقع قررت تعيين شخصية حازت على شبه اجماع .

وكان المتحدث باسم هيئة النزاهة حسن عاتي ابلغ امس ان الهيئة تسلمت ملفا خاصا بالبنك المركزي من قبل لجنة النزاهة البرلمانية والتحقيق جار حاليا .

وقال بدوره رئيس لجنة النزاهة البرلمانية بهاء الاعرجي ان مذكرات قبض صدرت لكن لم تصدر مذكرات منع سفر ، مشيرا الى ان عدد مذكرات التوقيف بلغ ثلاثين مذكرة تشمل محافظ البنك ونائبه .

وقال مسؤول في وزارة العدل ان مجلس القضاء الاعلى هو المسؤول عن اصدار مذكرات توقيف مماثلة.

واوضح الاعرجي ان القضية لا تدور حول اموال بل حول اجراءات وتعليمات ادت الى زيادة سعر الدولار مقابل الدينار العراقي وتدني سعر الدينار .

وكان محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي الذي يتولى منصبه منذ 2003 قال في اتصال مع فرانس برس من طوكيو قبل يومين لا اعرف شيئا عن هذا الامر وان شاء الله لن تكون هناك مذكرات توقيف .

وشهد سعر صرف الدولار في نيسان اعلى مستوى له امام الدينار منذ نحو اربع سنوات في الاسواق المحلية وهو 1320 دينارا لكل دولار، بعد ان كان مستقرا عند مستوى 1230 دينارا للدولار الواحد.

وقال الشبيبي حينها لفرانس برس ان الاوضاع السياسية غير المستقرة نسبيا في العراق وفي المنطقة المحيطة اوجدت طلبا كبيرا على الدولار ما ادى الى ارتفاع سعر صرف هذه العملة مؤخرا ، في اشارة خصوصا الى ايران وسوريا والعقوبات المفروضة على هذين البلدين.

ويذكر ان المحكمة الاتحادية العليا اصدرت في 18 كانون الثاني 2011 قرارا بربط البنك المركزي بمجلس الوزراء معللة ذلك ب غلبة الصفة التنفيذية على اعمال البنك ونشاطاته .

وحذر محافظ البنك المركزي بعد صدور هذا القرار من مخاطر تطبيقه لان ذلك سيفقد العراق، الذي يعتبر احد اكثر دول العالم فسادا، مسؤولية حماية امواله في الخارج، بحسب قوله.

واتخذت الحكومة العراقية في جلستها امس الأول عدة قرارات تتعلق بالبنك المركزي بينها تشكيل لجنة برئاسة ممثل عن البنك وعضوية ممثلين عن وزارات الداخلية والمالية والتجارة تتولى تبادل المعلومات عن حركة العملة المباعة من قبل البنك .